
بسم الله الرحمان الرحيم وأفضل الصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ؛
- السيدة رئيسة الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات ؛
- السيد المدير العام للجمارك والضرائب غير المباشرة ؛
- السيد ممثل المدير العام للإدارة العامة للأمن الوطني ؛
- السيد ممثل قائد الدرك الملكي ؛
- السيدات والسادة ممثلو القطاعات الوزارية والهيئات الوطنية والدولية ؛
حضرات السيدات والسادة كل باسمه وصفته وما يليق بشخصه من التقدير والاحترام.
اسمحوا لي في بداية كلمتي أن أعبر لكم عن اعتزازي بمشاركتكم، حفل الإعلان الرسمي عن انطلاق العمل باتفاقية التعاون والشراكة بين رئاسة النيابة العامة والوكالة المغربية لمكافحة المنشطات ورئاسة النيابة العامة وقيادة الدرك الملكي والمديرية العامة للأمن الوطني في مجال التحريات والتحقيقات ذات الصلة بمكافحة لمنشطات. هذه الاتفاقية التي تعكس الإرادة الجادة للأطراف الموقعة عليها للتنسيق والتعاون من أجل توحيد الجهود لمواجهة التحديات وتذليل الصعوبات التي تطرحها ظاهرة استعمال المنشطات في المجال الرياضي،
لا سيما وأن موضوع هذه الاتفاقية يأتي في سياق هام يتسم باستضافة بلادنا لتظاهرات رياضية قارية ودولية في افق استضافة بلادنا لمنافسات كأس العالم 2030 لكرة القدم ، تستوجب توفير كل المستلزمات وتسخير كل الامكانيات لإنجاحها، ومن ضمنها تأهيل المنظومة القانونية والمؤسساتية لتعزيز قيم النزاهة والشفافية في المنافسات الرياضية.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
لا يخفى على حضراتكم أن المجال الرياضي لم يعد في زمننا المعاصر مجرد نشاط بدني فردي أو جماعي تتم ممارسته بهدف تقوية الجانب الصحي أو تحقيق رفاهية الأشخاص، بل أصبح رافعة هامة لدعم النمو الاقتصادي، وآلية ناجعة لتحقيق التنمية البشرية ومحاربة الإقصاء والتهميش، إضافة لكونه أصبح قوة ناعمة لتحقيق الاشعاع الدولي للبلدان وتعزيز انفتاحها بين دول المعمور، مما جعلها تحظى باهتمام متزايد من لدن هيئات المنتظم الدولي، وهذا ما جسده العدد الكبير من الاتفاقيات والمواثيق التي تناولت الرياضة كنشاط انساني يقوم على قيم ومبادئ نبيلة من شأنها أن تسهم في تعزيز باقي القيم الإنسانية كالحق في الصحة والتنمية والمساواة ونبذ الكراهية والتميز وهو ما يفرض بطبيعة الحال تمكين الجميع من الحق في ممارسة الرياضة وحمايتها من كل السلوكيات والظواهر التي تنتهك قيمها ومبادئها، ولاسيما تلك التي تمس بالنزاهة والشفافية خلال المنافسات الرياضية، ومنها آفة تعاطي المنشطات.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
لقد أصبحت معضلة تعاطي المنشطات وترويجها أحد أخطر الممارسات التي تهدد الرياضة وتمنع من تحصيل فوائدها ليس لكونها تشكل فقط إخلالا مباشرا بقواعد النزاهة والشفافية والمساوة بين الرياضيين في المنافسات الرياضية فحسب، بل أيضا لعواقبها الوخيمة على صحة الرياضيين وحتى على مسارهم الرياضي، وما تشكله من إساءة لسمعة الرياضة لدى الهيئات والملتقيات الدولية، وهو ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في رسالته السامية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للرياضة المنعقدة بالصخيرات بتاريخ 24 أكتوبر2008، حيث قال جلالته بهذا الخصوص ما يلي : ".....وكذلك الشأن بالنسبة لاستعمال المنشطات التي تعتبر ظاهرة غريبة على تقاليدنا وثقافتنا ومحرمة قانونا وأخلاقا رياضية، لذلك نــدعو السلــطــات المختــصة إلى محـــاربة هــذه الممارسة بكـــل قــوة والتـــزام الصرامة في ما يخص معاقــبة استعمالها وترويجها، تنفيذا لقوانيننا الوطنية والتزاماتنا الدولية." انتهى النطق الملكي السامي.
واليوم وبعد مرور 16 سنة على هذه الرسالة الملكية السامية، فإن مضمونها وتوجيهاتها لازالت تحتفظ بأهميتها وراهنيتها، لاسيما بعد أن استكملت بلادنا كل الآليات القانونية والمؤسساتية الكفيلة بالتصدي لهذه الظاهرة الغريبة على تقاليدنا وثقافتنا كما جاء في توصيف الرسالة الملكية السامية، بدءً من مصادقة المغرب في أبريل 2009 على الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات في مجال الرياضة التي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
ينضاف إلى ذلك انضمام المملكة المغربية بتاريخ 20 أكتوبر2010 إلى الاتفاق الجزئي الموسع بشأن الرياضة (APES) الصادر عن مجلس أوروبا في 11 مايو 2007، والذي يشكل إطارا للتعاون الدولي الشامل في مواجهة التحديات التي تواجه الرياضة ومنها تعاطي المنشطات،
وأخيرا تعزز هذا الاطار القانوني بصدور القانون 12.92 المتعلق بمكافحة تعاطي المنشطات في مجال الرياضة والذي تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 06.23 الصادر في 19 يناير 2024. حيث يشكل هذا القانون أول إطار تشريعي وطني خاص بالتصدي لظاهرة المنشطات في المجال الرياضي، تضمن أحكاما زجرية مستلهمة من المعايير الدولية الواردة في المدونة العالمية لمكافحة المنشطات والتي سبق للمغرب أن اعتمدها منذ 5 مارس 2003.
كما أحدث هذا القانون الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات كشخص من أشخاص القانون العام وأسند إليها تنفيذ السياسة العمومية في مجال مكافحة المنشطات بتعاون مع باقي السلطات وهيئات المعنية بأحكامه.
حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
تولي رئاسة النيابة العامة لتنفيذ السياسة الجنائية في مجال الرياضي أهمية خاصة، وذلك انسجاما مع المكانة التي بوأها دستور المملكة للرياضة بعد أن ارتقى بها إلى مصاف الحقوق المدسترة وحث السلطات العمومية على تعبئة كل الجهود لتيسير استفادة المواطنين منها.
وبالنظر لكون تعاطي المنشطات وترويجها بات يشكل أحد أخطر الظواهر التي تهدد نزاهة وشفافية المنافسات الرياضة ، فقد عملت رئاسة النيابة العامة على مواكبة النيابات العامة لدى محاكم المملكة في تنفيذ توجهات السياسة الجنائية من أجل التصدي لتعاطي المنشطات في المجال الرياضي من خلال تتبعها لسير الأبحاث التي تشرف عليها النيابات العامة بشأن الأفعال التي تشكل خرقا لأحكام للقانون 97.12 المتعلق بمكافحة تعاطي المنشطات حيث عرفت سنة 2024 تسجيل قضايا تم خلالها متابعة أربعة متهمين صدرت في حق ثلاثة منهم عقوبات حبسية وغرامات مالية.
ووعيا منها بأهمية تأهيل العنصر البشري وتقوية قدراته في معالجة هذا النوع من القضايا التي تتطلب معرفة وفهما بالمعطيات والمستجدات الفنية، عملت رئاسة العامة بشراكة مع الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات على تنظيم دورات تكوينية لفائدة قضاة النيابة العامة في مجال الأبحاث والتحريات ذات الصلة بقضايا المنشطات وذلك في إطار برنامج تكوين الهيئة المغربية لإدارة الأبحاث والتحريات.
كما شاركت رئاسة النيابة العامة في العديد من اللقاءات والاجتماعات ذات الصلة بتفعيل التزامات المغرب بموجب الاتفاقيات الدولية، كما هو الشأن بالنسبة لمشاركة رئاسة النيابة العامة في اجتماع المنصة الوطنية لمكافحة المنشطات والتي تم احداثها بعد مصادقة المغرب على اتفاقية اليونسكو لمكافحة المنشطات. وكذا مشاركة رئاسة النيابة العامة في ندوة حول اتفاقية "ماكولين "، والتي نظمها مجلس أوروبا بالرباط بتاريخ 7 نونبر 2023 تحت عنوان "مجتمع ماكولين لحماية النزاهة في الرياضة عبر مكافحة المراهنات غير القانونية".
حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛
إن اتفاقية التعاون والشراكة التي نحن اليوم بصدد الإعلان الرسمي عن انطلاق العمل بها ستشكل دفعة قوية لمسار التصدي لظاهرة تعاطي المنشطات وترويجها وذلك بالنظر لمكانة الهيئات والمؤسسات الموقعة عليها ولأهمية المواضيع والمجالات التي سيشملها التنسيق والتعاون بين أطرفها مما يجعلها إطارا مرجعيا متميزا للتنسيق المؤسساتي الناجع والفعال والذي من شأنه أن يعزز التطبيق السليم للمقتضيات القانونية الواردة في القانون رقم 92.12 وكذا لتوحيد جهود السلطات العمومية في مكافحة ظاهرة تعاطي المنشطات.
وفي ختام هذه الكلمة، أود أن أجدد الشكر والامتنان للوكالة المغربية لمكافحة المنشطات على استضافة فعاليات هذه الحفل، وسائلا الله القدير أن يوفقنا جميعا لما فيه خير بلادنا تحت القيادة الرشيدة لمولانا المنصور بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس أدام الله تعالى نصره وعزه وكافة أسرته الشريفة إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته