
بقلم / محمد إبراهيم ربيع
كاتب ومحلل سياسي
تعجبنا من السيناريوهات التي وقعت أخيرا؛ ما بين تحول الحكومات لدول كبرى ضد الكيان المحتل والاعتراف بدولة فلسطين، وعلى رأسهم بريطانيا؛ ولكن اعتراف بريطانيا تحديدا جعلنا نتشكك في الأمر .
فهل هناك أمر يدبر للمنطقة الآن ولكن بسيناريو مختلف؟؟؟
فبعد الإبادة الجماعية لإخواننا في غزة من قتل وتجويع ومشاهد دامية؛ تحولت الشعوب العالمية إلى آلية ضغط كبيرة على الحكومات؛ فكان لا بد من احتواء الرأي العام العالمي ضد الكيان المحتل، واعتقد أن هذا هو سبب اعتراف هذه الدول والمعروف عنها داعمها الكبير للكيان المحتل؛ وهذا ما ذكرناه في المقالة السابقة.
دعونا نتذكر الاجتماعي الثلاثي بين ترامب وكوشنر وبلير والذي لم يتم إعلان تفاصيل مؤكدة عن أي مناقشات أو أي اتفاق عن ما يسمى بخطة ما بعد غزة؟؟؟؟
ثم خرج علينا ترامب بدعوة رؤساء الدول العربية والإسلامية لوقف الحرب !!!!!
ترامب وضع خطة لكي تكون شاملة لإنهاء الحرب بغزة، وسنسرد أهم بنودها لكي نعلم أبعادها.
أهم بنود الخطة جاءت كما يلي:
• هدنة في قطاع غزة لمدة عشرين يوماً.
• في خلال العشرين يوما يتم الإفراج عن الأسرى اليهود الأحياء والأموات.
• انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة.
• إنشاء قوة عربية تحل محل جيش الاحتلال بقيادة أمريكية تحكم القطاع لمدة ثلاث سنوات.
• تسليم حماس جميع السلاح والخروج من المشهد تماما.
• إعمار غزة عن طريق الدول العربية.
وعقب القادة العرب على ضرورة رجوع أهل الضفة إلى أماكنهم ؛ فلم يتحدث ترامب عن هذه النقطة تحديدا، وجعلها مبهمة.
فهذه البنود جعلت الكثير من العرب يسعدون ويعتقدون أنه بداية حقيقية لوقف إطلاق النار؛ وظهر هذا في تصريحات أبرزها رئيس دولة تركيا حينما خرج وقال قد اتفقنا على بنود تجعلنا نتفاءل كثيرا.
ولكن هناك تعقيباً هاماً للغاية قام به رئيس الوزراء المصري داخل الاجتماع كان بمثابة رصاصة الرحمة لفضح أخبث مخطط بالتاريخ الحديث.
فهل لعبت مصر دوراً في فضح الأمر من خلال تصريحات معالي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي؟؟؟
صرح مدبولي أن مصر مع نزع سلاح حماس بكل تأكيد؛ ولكن أشار مدبولي بأن التجارب السابقة في نزع سلاح الجماعات المسلحة وحركات المقاومة في الأزمات السابقة؛ استندت إلى تسوية سياسية تشمل تقديم حلول موضوعية ومقنعة من أجل الاتفاق على نزع السلاح.
ودلل مدبولي على صدق كلامه بالتجربة الحالية وهي حرب الكيان المحتل على غزة لأكثر من عامين هل استطاعت القوة العسكرية على إرجاع الرهائن والقضاء على حماس؟؟؟؟
كما أشار مدبولي بأنه يجزم بعدم نجاح أي طرف إقليمي أو دولي في نزع سلاح حماس من منطلق أمني أو عسكري؛ ولكن من الممكن أن يُنْزَع السلاح بعد رؤية واضحة ومساومات سياسية فقط.
كما شدد مدبولي على أن يكون هناك موعد لإقامة الدولة الفلسطينية في جدول زمني وإطارات محددة بمشاركة السلطة الفلسطينية دون تجنيبها.
كما أشار بأنه في حالة تقديم حلول وضمانات لحماس، وتم الموافقة عليها من قبل حماس؛ لا يسلم السلاح إلا للسلطة الفلسطينية؛ لأنه حق مكتسب لها.
فهل سيُوَافَق على الرؤية المصرية؟؟؟
أم سيُتَحَدَّث عن نزع حماس السلاح دون تسوية سياسية لغرض آخر ؟؟؟
فلا يعتقد أحد أن حماس ستسلم سلاحها دون ضمانات ورؤية واضحة وهي الاتفاق على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 67 وطريقة خروج حماس أو انخراطها في المجتمع الفلسطيني ولكن بصورة آمنة .
وهذا هو المخطط له من وجهة نظري الشخصية من خلال تفنيد الأمور وقراءة ما بين السطور؛ فأعتقد أن ترامب يفكر هو، ومن يتبنى فكر اليمين المتطرف اليهودي بطريقة خبيثة للغاية؛ وهو استدراج حماس لكي ترفض بشكل قاطع بسبب عدم وجود أي ضمان سياسي أو رؤية واضحة؛ حينئذ سيتحدث العالم أن حماس هي سبب فشل المفاوضات، وهذا هو الأمر الذي يسعون إليه الآن وهو توجيه الرأي العام العالمي ضد المقاومة بعد أن كان متعاطفاً معها الكثير.
على النحو الآخر يُنَفَّذ بند عمل جيش اتحادي عربي ولكن بقيادة أمريكية.
فيحدث بعد ذلك ما خطط له وهو توجيه الفكر العربي والإسلامي ضد حماس بعد أن رفضت نزع السلاح لعدم وجود رؤية سياسية أو اتفاق عادل.
فكل ما أخشاه بعد ذلك أن يحدث الصدام ما بين الجيش العربي الاتحادي بقيادة أمريكية وما بين حركة حماس في غزة.
ولكن يتبقى الجزء الأخطر وهو تكدس أهل فلسطين على الحدود المصرية في منطقة غير آمنة بسبب نشوب تلك المواجهات؛ وهنا يبدأ التحايل والدعوة العالمية لإدخال أهل فلسطين لسيناء بصورة مؤقتة بسبب المواجهات العسكرية بحجة القضاء على حماس؛
وقتها سيعتقد الجميع أن حماس هي سبب فشل وقف إطلاق النار.
فيحدث تغير شامل للوجهة العالمية مرة أخرى ؛ ويتم الدعوة إلى التهجير القسري وتصفية القضية الفلسطينية دون إعلان عن ذلك؛ ولكن سيكون بداعي الشفقة على الشعب الفلسطيني من الحرب بين العرب وحماس وان التهجير سيكون مؤقتاً إلى حين انتهاء العملية العسكرية ؛ و الضمان في تنفيذ ذلك هي تلك القوة العربية المشتركة و ليس الكيان المحتل.
وفي ذلك الوقت لن تستطيع الدولة المصرية عدم قبول الأمر بسبب الأمر الواقع الذي وضع الجميع به.
ولو سلمنا لهذا المخطط اعتقد أنه سينجح و يتم استدراج العرب لتدمير المنطقة ؛ دون تدخل الكيان المحتل في اي خسائر مالية أو بشرية لهم ؛ ولكن سينفذون مخططهم و لكن بيد العرب .
فهذه المقالة اعتبرها ناقوس الخطر لإيقاظ العرب.